الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
فصل
واشترى سراويل ، والظاهر أنه إنما اشتراها ليلبسها ، وقد روي في غير حديث أنه لبس السراويل وكانوا يلبسون السراويلات بإذنه .
ولبس الخفين ولبس النعل الذي يسمى التاسومة .
ولبس الخاتم ، واختلفت الأحاديث هل كان في يمناه أو يسراه ، وكلها صحيحة السند .
ولبس البيضة التي تسمى : الخوذة ، ولبس الدرع التي تسمى : الزردية ، وظاهر يوم أحد بين الدرعين .
وفي "صحيح مسلم " عن أسماء بنت أبي بكر قالت : ( هذه جبة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأخرجت جبة طيالسة كسروانية لها لبنة ديباج . وفرجاها مكفوفان [ ص: 135 ] بالديباج ، فقالت : هذه كانت عند عائشة حتى قبضت ، فلما قبضت قبضتها ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يلبسها ، فنحن نغسلها للمرضى يستشفى بها )
وكان له بردان أخضران وكساء أسود وكساء أحمر ملبد وكساء من شعر .
وكان قميصه من قطن ، وكان قصير الطول قصير الكمين ، وأما هذه الأكمام الواسعة الطوال التي هي كالأخراج ، فلم يلبسها هو ولا أحد من أصحابه البتة ، وهي مخالفة لسنته ، وفي جوازها نظر ، فإنها من جنس الخيلاء .
وكان أحب الثياب إليه القميص والحبرة ، وهي ضرب من البرود فيه حمرة .
وكان أحب الألوان إليه البياض ، وقال ( هي من خير ثيابكم فالبسوها وكفنوا فيها موتاكم ) وفي الصحيح عن عائشة أنها أخرجت كساء ملبدا وإزارا غليظا فقالت قبض روح رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذين .
[ ص: 136 ] ولبس خاتما من ذهب ، ثم رمى به ، ونهى عن التختم بالذهب ، ثم اتخذ خاتما من فضة ولم ينه عنه .
وأما حديث أبي داود أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن أشياء وذكر منها : ونهى عن لبوس الخاتم إلا لذي سلطان ، فلا أدري ما حال الحديث ولا وجهه والله أعلم .
وكان يجعل فص خاتمه مما يلي باطن كفه . وذكر الترمذي أنه كان إذا دخل الخلاء نزع خاتمه وصححه ، وأنكره أبو داود .
وأما الطيلسان فلم ينقل عنه أنه لبسه ولا أحد من أصحابه ، بل قد ثبت في صحيح مسلم من حديث أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه ذكر الدجال فقال ( يخرج معه سبعون ألفا من يهود أصبهان عليهم الطيالسة ) . ورأى أنس جماعة [ ص: 137 ] عليهم الطيالسة فقال ما أشبههم بيهود خيبر . ومن هاهنا كره لبسها جماعة من السلف والخلف ؛ لما روى أبو داود والحاكم في المستدرك عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( من تشبه بقوم فهو منهم )
وفي الترمذي عنه صلى الله عليه وسلم : ( ليس منا من تشبه بقوم غيرنا ) وأما ما جاء في حديث الهجرة أن النبي صلى الله عليه وسلم جاء إلى أبي بكر متقنعا بالهاجرة ، فإنما فعله النبي صلى الله عليه وسلم تلك الساعة ليختفي بذلك ، ففعله للحاجة ، ولم تكن عادته التقنع ، وقد ذكر أنس عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان يكثر القناع ، وهذا إنما كان يفعله - والله أعلم - للحاجة من الحر ونحوه ، وأيضا ليس التقنع من التطيلس .